أخبار وطنية هذا قضى 27 سنة في السجن، وذاك 16: شتان ما بين نلسن مانديلا المتسامح وحمادي الجبالي المتشدد!
لقد استمعت لك تتكلّم في إحدى الإذاعات وكذلك لبعض تصريحاتك في الماضي واستغربت مواقفك المتشدّدة.. ودعني أذكّرك بأنّه عندما أفرج عن نلسن مانديلا بعد 27 سنة من السجن سارع للدّفاع عن الديمقراطيّة والتسامح والتقارب بين السود والبيض، في حين قضيت أنت 16 سنة وراء القضبان ثمّ أصبحت بعدها رئيسا للحكومة التونسيّة، وإذا بك تبشّر بالخلافة السّادسة ثم بعد ضغوطات الشعب التونسي ومظاهرات ضخمة حاولت أن ترأس حكومة أغلبها من التكنوقراط.. وفي الآونة الأخيرة انسلخت عن حركة النهضة لأنّها لم ترشّحك لمنصب رئاسة الجمهورية وساندت في المقابل المنصف المرزوقي كما فعلت لجان حماية الثورة وحزب التحرير وغيرهما من المتشدّدين، ثم تنبأت بمجيء داعش الى تونس.. وإذا كنت حرّا في مواقفك السياسيّة، يؤسفني أن أؤكّد لك من موقعي كإعلامي أنّك تجهل تماما معدن الشعب التونسي وفكر مبدعيه ومثقّفيه ونسائه الحرائر ومجتمعه المدني.. لقد صرّحت «انّ نكبتنا في نخبتنا»، وهذا دليل على جهلك بالنّخبة وضيق أفقك وعدم احترامك لمن يختلفون معك في الرأي والقناعات! انّ قبوعك 16 سنة في السجن حجب عنك وسطيّة المجتمع التونسي ورفضه لأي مشروع ديني سياسي وخاصّة للارهاب، مع التذكير بأنّ هذا الطاعون تفشّى عندما كنت ترأس الحكومة و كان علي العريض المشرف على وزارة الدّاخلية، فقد تكررت الكوارث الأمنية وانتشر السلاح واستعمل الرش ضد أبناء سليانة ووقع تهديد الإعلاميين والاعتداء عليهم وظهرت وسائل إعلام مشبوهة دعت الى التصادم والتعنيف حتى لو كان ذلك بصفة غير مباشرة..
لقد رفضت النهضة ترشيحك لرئاسة الجمهورية وحزب المرزوقي لن يرشّحك وأمّا الديمقراطيون فانّهم لم ولن يستوعبوا خطابك المتشدّد، وهكذا لم يبق لك الاّ ان تؤسّس حزبا متشدّدا دينيا مع اللوز وشورو أو غيرهما من المفلسين الفاشلين.. انّ «داعش» لا يخيفنا.
وبما أنّي رجل مسالم وأرفض العنف، وبعد قضائك سنوات طويلة في زنزانة أدعوك الى لقاء نخوض خلاله في كلّ المواضيع وأرجو من الله عزّ وجلّ ان يحميك من أيّ انزلاق نحو التشدّد وجمود الفكر والتطرّف لأنّ الشعب التونسي ومثقّفيه وجيشه وأمنه الجمهوري سينتصرون في حربهم المقبلة على الارهاب والفساد والمتشدّدين!.. انّك تستحقّ السعادة والاحترام مع العلم أنّي أختلف معك تماما دينيا وسياسيّا، ومع هذا فأنا أحترمك كإنسان ذاق الأمرّين في السجن وأؤكّد أنّه إذا صدق «تنبّؤك» وجاء جماعة «داعش» الى تونس فسيجدون دولة قويّة وشعبا متماسكا وأمنا جمهوريا وجيشا وطنيا، فلا مقارنة بالعراق أو سوريا حيث تتعدّد الملل والأعراق ما بين شيعة وسنة وأكراد ويزيديين في حين أن الشعب التونسي واحد رغم وجود بعض المتطرّفين ومجانين دين لا علاقة لهم بالإسلام أو بعض الفاسدين الذين تشترى ذممهم بالدينـارات أو الدولارات.
المنصف بن مراد